وصيا طبية لشهر رمضان الكريم
هل علينا شهر رمضان ، شهر الرحمة
والمغفرة والعتق من النار . ومع إطلالة هذا الشهر المبارك يحلو الحديث عن
الفوائد الروحية والنفسية والجسدية لصيام رمضان , ولكن هناك وقفات صحية ن،
ووصايا طبية ، لا بد أن نعيرها شيئا من الانتباه ليكون لنا رمضان أيضا
الصحة والنشاط والعطاء . ونستعرض في هذا المقال بعضا من تلك الوصايا :
1 - كلوا واشربوا ولا تسرفوا "الأعراف "
تلك هي آية في كتاب الله ، جمعت علم الغذاء كله
في ثلاث كلمات . فإذا جاء شهر رمضان ، والتزم الصائم بهذه الآية ، وتجنب
الإفراط في الدهون والحلويات والأطعمة الثقيلة ، وخرج في نهاية شهر رمضان ،
وقد نقص وزنه قليلا ، وانخفضت الدهون ، يكون في غاية الصحة والسعادة ،
وبذلك يجد في رمضان وقاية لقلبه ، وارتياحا في جسده . فالكنافة والقطائف
وكثير من الحلويات واللحوم والدسم تتحول في الجسم إلى دهون ، وزيادة في
الوزن ، وعبء على القلب . وقد اعتاد الكثير منا على حشو بطنه بأصناف الطعام
، ثم يطفئ لهيب المعدة بزجاجات المياه الغازية أو المثلجات .
وقد أكد
الباحثون أنه على الرغم من عدم التزام الكثير من المسلمين ، للأسف الشديد ،
بقواعد الإسلام الصحية في غذاء رمضان ورغم إسرافهم في تناول الأطباق
الرمضانية الدسمة والحلويات ، فإن صيام رمضان قد يحقق نقصا في وزن الصائمين
بمقدار 2-3 كيلوجرامات في عدد من الدراسات العلمية .
2 لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر .
حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه .
وفي التعجيل بالإفطار آثار صحية ونفسية هامة . فالصائم يكون في ذلك الوقت
بحاجة ماسة إلى ما يعوضه عما فقد من ماء وطاقة أثناء النهار والتأخير في
الإفطار يزيد من انخفاض سكر الدم ، مما يؤدي إلى شعور بالهبوط والإعياء
العام وفي ذلك تعذيب نفسي لا طائل منه ، ولا ترضاه الشريعة السمحاء .
3- إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر :
وهذا حديث آخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم
رواه الأربعة . وعن أنس رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يفطر قبل أن يصلي على رطيبات ، فإن لم تكن رطيبات فتمرات ، فإن لم تكن
تمرات حسا حسوات من الماء " رواه الترمذي وأبو داود ، فالصائم عند الإفطار
بحاجة إلى مصدر سكري سريع ، يدفع عنه الجوع ، مثلما هو بحاجة إلى الماء .
والإفطار على التمر والماء يحقق الهدفين وهما دفع الجوع والعطش . وتستطيع
المعدة والأمعاء الخالية امتصاص المواد السكرية بسرعة كبيرة ، كما يحتوي
الرطب والتمر على كمية من الألياف مما يقي من الإمساك ، ويعطي الإنسان
شعورا بالامتلاء فلا يكثر الصائم من تناول مختلف أنواع الطعام .
4- أفطر على مرحلتين :
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجل فطره
على تمرات أو ماء ، ثم يعجل صلاة المغرب ، ويقدمها على إكمال طعام إفطاره .
وفي ذلك حكمة نبوية رائعة . فتناول شيء من التمر والماء ينبه المعدة
تنبيها حقيقيا ، وخلال فترة الصلاة تقوم المعدة بامتصاص المادة السكرية
والماء ، ويزول الشعور بالعطش والجوع . ويعود الصائم بعد الصلاة إلى إكمال
إفطاره، وقد زال عنه الشعور بالمهم . ومن المعروف أن تناول كميات كبيرة من
الطعام دفعة واحدة وبسرعة قد يؤدي إلى انتفاخ المعدة وحدوث تلبك معوي وعسر
هضم .
5- اختر لنفسك غذاء
صحيا متكاملا :
فاحرص على أن
يكون غذاؤك متنوعا وشاملا لكافة العناصر الغذائية ، واجعل في طعام إفطارك
مقدارا وافرا من السلطة ، فهي غنية بالألياف ، كما تعطيك إحساسا بالامتلاء
والشبع ، فتأكل كمية أقل من باقي الطعام . وتجنب التوابل البهارات
والمخللات قدر الإمكان . كما يستحسن تجنب المقالي والمسبكات ، فقد تسبب عسر
الهضم وتلبك الأمعاء .
6 –
فقد أوصي الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بضرورة تناول وجبة
السحور .
ولا شك في أن تناول
السحور يفيد في منع حدوث الإعياء والصداع أثناء نهار رمضان ، ويخفف من
الشعور بالعطش الشديد .
كما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تأخير
السحور فقال : "ما تزال أمتي بخير ما تجملوا ما عجلوا الإفطار وأخروا
السحور "
ويستحسن أن يحتوي طعام السحور على أغذية سهلة الهضم كاللبن
الزبادي والعسل والفواكه وغيرها .
7- وصية لتجنب الإحساس بالعطش :
حاول تجنب الأغذية الشديدة الملوحة ، وتجنب التوابل والبهارات
وخاصة عند السحور لأنها تزيد الاحساس بالعطش . ويستحسن تجنب استعمال
الأغذية المحفوظة ، أو الوجبات السريعة التحضير .
واشرب كمية كافية من
الماء مع عدم المبالغة في ذلك.
8- وصية لتجنب الإمساك :
وإذا كنت ممن يصابون بالإمساك ، فأكثر من تناول الأغذية الغنية
بالألياف الموجودة في السلطات والبقول والفواكه والخضار ، وحاول أن تكثر من
الفواكه بدلا من الحلويات الرمضانية ، واحرص على صلاة التراويح وأداء
النشاط الحركي المعتاد.
9-
تجنب النوم بعد الإفطار
بعض
الناس يلجأ إلى النوم بعد الإفطار والحقيقة ، فإن النوم بعد تناول وجبة
طعام كبيرة ودسمة قد يزيد من خمول الإنسان وكسله . ولا بأس من الإسترخاء
قليلا بعد تناول الطعام . وتظل النصيحة الذهبية لهؤلاء الناس هي ضرورة
الاعتدال في تناول طعامهم ، ثم النهوض لصلاة العشاء والتراويح ، فهي تساعد
على هضم الطعام ، وتعيد لهم نشاطهم وحيويتهم .
10- رمضان فرصة للتوقف على التدخين
من المؤكد أن فوائد التوقف عن التدخين تبدأ منذ
اليوم الأول الذي يقلع فيه المرء عن التدخين ، فمتى توقف عن التدخين بدأ
الدم يمتص الأوكسيجين بدلا من غاز أول أكسيد الكربون السام ، وبذلك تستقبل
أعضاء الجسم دما مليئا بالأوكسجين ، وتخف الأعباء الملقاة على القلب شيئا
فشيئا .
والمدخنون الذين يريدون الإقلاع عن هذه العادة الذميمة سوف
يجدون في رمضان فرصة جيدة للتدرب على ذلك . فإذا كنت أيها الصائم تستطيع
الإقلاع عن التدخين لساعات طويلة أثناء النهار ، فلماذا لا تداوم على ذلك .
وليس هذا صعب بالتأكيد، لكنه يحتاج إلى عزيمة صادقة ، وتخيل دائم لما
تسببه السيجارة من مصائب لك ولمن حولك .
11- إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يغضب
حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه .
فماذا يفعل الغضب في رمضان ؟ من المعلوم أن الغضب يزيد من إفراز هرمون
الأدرينالين في الجسم بمقدار كبير ، وإذا ما حدث ذلك في أول الصيام ( أي
أثناء هضم الطعام ) فقد يضطرب الهضم ويسوء الامتصاص ، وإذا حدث أثناء
النهار تحول شيء من الجليكوجين في الكبد إلى سكر الجلوكوز ليمد الجسم بطاقة
تدفعه للعراك ، وهي بالطبع طاقة ضائعة .
وقد يؤدي ارتفاع
الأدرينالين إلى حدوث نوبة ذبحة صدرية عند المصابين بهذا المصابين بهذا
المرض ، كما أن التعرض المتكرر للضغوط النفسية يزيد من تشكل النوع الضار من
الكولسترول ، وهو أحد الأسباب الرئيسية لتصلب الشرايين .
12- وصية للحامل والمرضع في شهر رمضان :
ينبغي على الحامل والمرضع استشارة الطبيب فإذا
سمح لها بالصيام فينبغي عليها عدم التهام كمية كبيرة من الطعام عند الإفطار
، وتوزيع طعام الإفطار المعتدل إلى وجبتين : الأولى عند الإفطار ، والباقي
بعد أربع ساعات . كما تنصح بتأخير وجبة السحور ، والإكثار من اللبن
الزبادي ، والإقلال من الطعام الدسم والحلويات .
أما لمرضع ، فإن
صامت فيجب أن توفر للمولود كمية إضافية من الماء والسوائل ليشربها خلال
ساعات الحر بجانب الرضاعة من ثدي الأم وعليها الاهتمام بغذائها من حيث
الكمية والنوعية . كما ينبغي أن تكثر من الرضعات في الفترة بين الإفطار
والسحور . فإذا ما شعرت بالتعب والإرهاق فعليها إنها صومها واستشارة الطبيب
.
13- دربوا أطفالكم على
الصيام برفق ولين :
ينبغي تدريب
الطفل على الصيام بعد سن السابعة ، وتعتبر السنة العاشرة السنة النموذجية
لصيام الطفل ، ولا يجوز ضربهم أو إجبارهم على الصيام لأن ذلك قد يدفع الطفل
إلى تناول المفطرات سرا ،وتكبر معه هذه الخيانة ، ويراعى التدرج في صيام
الطفل عاما بعد عام .
وعلى الأم أن تراقب طفلها أثناء صيامه ، فإذا
شعرت بمرضه أو إرهاقه وجب عليها أن تسارع بإفطاره . وهناك عدد من الأمراض
التي تمنع الطفل من الصيام كمرض السكر وفقر الدم وأمراض الكلى وغيرها .
وينصح
الأباء والأمهات بأن يحتوي طعام الطفل على كافة العناصر الغذائية ، وأن
يحرصوا على إعطائه وجبة السحور .
14 – فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة أيام أخر "البقرة 184"
فمن رحمةالله بعبادة أن رخص للمريض الإفطار في
شهر رمضان ، فإذا أخبر الطبيب المسلم مريضه أنه إذا صام أدى صيامه
إلى
زيادة المرض عليه أو إلى إهلاكه وجب عليه الإفطار .
والفطور رخصة
للمريض ، كما هي للمسافر ، ولكن لو تحامل المريض على نفسه وصام أجزاه الصوم
، ولا قضاء عليه ، غير أنه إذا شق عليه الصوم مشقة شديدة ، فليس من البر
الصوم في المرض ، بل ربما كان المريض أولى من المسافر بهذا ، لأن المسافر
الذي يشق عليه السفر يجب عليه الفطر خشية المرض ، فالمرض أشد خطرا ، ولهذا
قدم في القرآن على السفر .
15
– إن كنت مريضا راجع طبيبك قبل البدء بالصيام :
فالقول الفصل في الصيام المريض أو عدمه هو للطبيب
المسلم المعالج ، فهو أدري بحالة المريض وعلاجه ، وهو الذي يعطي المريض
النصيحة المثلى والإرشادات المناسبة . فإذا سمح لمريضه بالصيام ، حدد خطة
العلاج ، وقد يضطر لتعديل طريقة تناول الدواء أو عدد جرعات الدواء .
16 – وصية لمرضى القلب :
يستطيع كثير من مرضى القلب الصيام ، فعدم حدوث
عملية الهضم أثناء النهار تعني جهدا أقل لعضلة القلب وراحة أكبر . فإن عشرة
في المائة من كمية الدم التي يدفع بها القلب إلى الجسم تذهب إلى الجهاز
الهضمي أثناء عملية الهضم .
والمصابون بارتفاع ضغط الدم يستطيعون
عادة الصيام شريطة تناول أدويتهم بانتظام ، وهناك حاليا العديد من الأدوية
التي يمكن إعطاؤها مرة واحدة أو مرتين في اليوم .
وينبغي على هؤلاء
المرضى تجنب الموالح والمخللات والإقلال من ملح الطعام ، أما المصابون
بالذبحة الصدرية المستقرة فيمكنهم عادة الصيام مع الاستمرار في تناول
الدواء بانتظام .
وهناك عدد من حالات القلب التي لا يسمح فيها
بالصيام كمرضى الجلطة الحديثة ، والمصابين بهبوط ( فشل ) القلب الحاد ،
والمصابين بالذبحة القلبية غير المستقرة وغيرهم .
17- وصية للمصابين بالحصيات الكلوية :
إذا لم يكن لدى المرء حصيات كلوية من قبل فلا
داعي للقلق في رمضان . أما إذا كانت لديهم حصيات ، أو قصة تكر حدوث حصيات
كلوية فيمكن أن تزداد حالتهم سوءا إذا لم يشرب المريض السوائل بكميات كافية
. ويستحسن في مرضى الحصيات بالذات الامتناع عن الصيام في الأيام الشديدة
الحرارة ، حيث تقل كمية البول بدرجة ملحوظة . ويعود تقدير ذلك للطبيب
المعالج ، وعموما ينصح مرضى الحصيات الكلوية بتناول كميات كافية من السوائل
في المساء وعند السحور ، مع تجنب التعرض للحر والمجهود المضني أثناء
النهار ، كما ينصح هؤلاء بالإقلال من تناول اللحوم ومواد معينة مثل السبانخ
والسلق والمكسرات وغيرها .
18-
وصية لمرضى السكر :
إذا قرر
الطبيب أنه بإمكان مريض السكر الصيام ، فينبغي على المريض الالتزام بوصايا
الطبيب ، والمحافظة على نفس كمية ونوعية الغذاء الذي وصفه له .
وتقسم
هذه الكمية إلى ثلاثة أجزاء متساوية ، بحيث يتناول الأولى عند الإفطار ،
والثانية بعد صلاة التراويح ، والثالثة عند السحور .
ويفضل تأجيل وجبة
السحور قدر الإمكان ، والإكثار من تناول الماء ، والإقلال من النشاط الجسدي
أثناء فترة الصيام ، وخاصة في الفترة الحرجة ما بين العصر والمغرب . وإذا
شعر المريض بأعراض انخفاض السكر فعليه أن يفطر ولا ينتظر وقت الإفطار ولو
كان ذلك الوقت قريبا .
19-
وصية للمصابين بعسر الهضم
كثيرا
ما تتحسن حالة هؤلاء المرضى في شهر رمضان ، شريطة ألا تكون لديهم قرحة
حادة في المعدة أو الإثنى عشر أو التهاب في المرئ أو أي سبب عضوي آخر .
وينصح
هؤلاء بتناول وجبات صغيرة من الطعام ، وتجنب التخمة والأطعمة الدسمة
والحلويات ، كما ينصح بتجنب التعرض للضغوط النفسية الشديدة ، والابتعاد عن
البهارات والمسبكات .
20 –
وصية أخيرة : هل حقا نحن نصوم رمضان ؟
فالصيام حركة في النهار سعيا وراء الرزق الحلال . وهو حركة في
الليل في صلاة التراويح ، وهو دعوة لجسم سليم ..وقلب تائب لله ، طامع في
رحمته .
ولكن للأسف الشديد ، فإن الصيام الذي يمارسه البعض منا ، ليس
هو الصيام الذي شرعه الخالق ، فهو نوم لمعظم النهار ، وغضب لأتفه الأسباب ن
بدعوى الصيام .
فالصيام عند البعض كسل جسدي ، وانفعال نفسي في النهار ،
وتخمة وسهر في اللهو والعبث في ليل رمضان .
أليس حراما أن نضيع هذا
الموسم الفياض بالخيرات كل عام ؟
أليس رمضان موسما للطاعة والعبادة ،
وموسما للصحة والسعادة ، وفوق هذا وذاك رحمة ومغفرة وعتقا من النار ؟!
قرار اداري] جميع الروبط خفية تقريب الى بعد وضع الرد